19 سبتمبر 2024 | 16 ربيع الأول 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

د.سعيد سيلا: اتحاد علماء إفريقيا مرجعية علمية شرعية للنهوض بالمسلمين في القارة

22 ديسمبر 2013

**الاتحاد يتمتع بالاستقلالية ومرجعيته الكتاب والسنة على فهم أئمة الهدى القائم على الوسطية

** من وسائل الدعوية إقامة دورات تطوير القدرات وتنمية المواهب وإعداد البحوث وإنتاج البرامج الإعلامية

** نستهدف جمهور العلماء والدعاة وطلبة العلم لتعزيز دورهم في قيادة المجتمعات المحلية وتوجيهها

**نشترط في عضو الاتحاد أن يكون عالمًا بالشرع وذا شخصية مؤثرة في محيطه ومعروفة بالسمعة الطيبة

في ظل عالم يغص بالتحالفات والتكتلات والاتحادات المهنية، بات من التفريط وتضييع الوقت أن يبقى المسلمون بمعزل عن هذا التوجه في مواجهة التحديات التي تحتاج الى تضافر الجهود والبحث عن المشتركات ورص الصفوف.

علماء أفريقيا أدركوا هذا الأمر في أواخر 2011م، وبعد مناقشات ومحاورات واسعة ومكثفة بينهم، شكلوا إتحادا علمائنا، واختاروا مدينة باماكو عاصمة جمهورية مالي مقرا مؤقتا له، وذلك ليكون مرجعية علمية فاعلة في المجتمعات الأفريقية، تعزز دور العلماء والدعاة في قيادة المجتمع؛ وتوحد صفوفهم لقيادة الأمة وفق المنهج الإسلامي الصحيح، وتضبط الفتوى، وتتفاعل مع القضايا والأحداث العامة في القارة، وتعبر عن مسلمي إفريقيا في المحافل المحلية والإقليمية والدولية.

كما يأتي هذا الاتحاد ليمثّل بعداً مؤسسياً للعمل الإسلامي على مستوى القارة، ويجسّد إرادة الغالبية المهمّشة، والأقلية المستضعفة من المسلمين فيها، ظلّت الأنظار تتطلّع إليه، وقد توافرت الأسباب الداعية لقيامه، والمؤكّدة لضرورة وجوده.

الأمين العام لاتحاد علماء إفريقيا ومدير جامعة الساحل في باماكو بجمهورية مالي د. سعيد محمد بابا سيلا الذي زار الكويت مؤخرا للمشاركة في أعمال ندوة مستجدات الفكر الإسلامي التي نظمتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، عزا دواعي إنشاء الاتحاد إلى افتقاد المرجعية العلمية للمسلمين في إفريقيا، وغياب الصوت المعبر عن المسلمين في القضايا العامة والمشكلة، وتنامي الصراعات والمشكلات التي يكون المسلمون طرفًا فيها، وتشتت جهود الدعاة وضعف التنسيق بينهم، وضعف التأصيل العلمي للفتوى.

وحول مدى استقلالية الإتحاد وابتعاده عن التحيزات الفكرية والسياسية الرائجة في المنطقة قال د.سيلا هذا الأمر كان حاضرا في ذهنية المؤسسين، والرؤية كانت واضحة منذ البداية، وهي إنشاء مرجعية علمية شرعية للنهوض بالأمة الإسلامية في إفريقيا، وتجنبا لأي خروج عن المسار المرسوم، وضع المؤسسون للاتحاد مجموعة من السياسات الحاكمة، وتتمثل في أن تكون مرجعيته الكتاب والسنة على فهم أئمة الهدى القائم على الوسطية، وأن يعمل ترسيخ البعد المحلي الإفريقي للاتحاد من حيث التأسيس والتسيير مع إيجاد التمثيل الحقيقي لأطراف القارة، وأن يتمتع بالاستقلالية والبعد عن الوصاية من الدول أو الهيئات، وأن يرتبط بشكل وثيق بالمجتمع من خلال تعزيز مكانة الأعضاء في التجمعات المحلية ذات التوجهات المشابهة، واعتماد الآلية العلمية والمهنية في اتخاذ القرارات، وإبراز المواقف والرؤى، وأن يعتمد إستراتيجية عملية في التعامل مع الهيئات والمؤسسات الرسمية وكذا الاتجاهات المخالفة، فضلا عن اتباع سياسة إعلامية تعزز رسالة الاتحاد في توجيه القارة، وأن يفتح أبوابه للرجل والمرأة للعمل وفق الضوابط الشرعية.

وردا على سؤال حول الأهداف التي يسعى الإتحاد لتحقيقها، قال د.سيلا إننا نعمل كما أشرت على إنشاء مرجعية علمية دعوية لتوجيه وتنسيق الجهود العلمية والدعوية في إفريقيا، على أن تعبر هذه المرجعية عن المسلمين في القارة أمام المؤسسات والهيئات العلمية والأكاديمية والرسمية والدولية، وتسهم في تعزيز جهود العلماء في توجيه وقيادة المجتمعات الإفريقية، وضبط الفتوى في القضايا العامة في إفريقيا، وتعزيز التعايش السلمي بين أطياف المجتمعات الإفريقية، وفتح قنوات اتصال وتفاعل مع التجمعات الإسلامية الأخرى لخدمة قضايا المسلمين العامة.

وحول وسائل الاتحاد في ترجمة هذه الآمال والتطلعات في قارة مترامية الأطراف، أوضح الأمين العام أن هناك وسائل عديدة منها، تنسيق الجهود العلمية والدعوية والتربوية في القارة، وإقامة المشروعات العلمية والدعوية والتربوية ورعايتها، وتطوير ودعم الهيئات الإسلامية المحلية والإقليمية وإصدار البيانات حول القضايا العامة ونشرها عبر وسائل الإعلام، وتقديم النصح والتوجيهات والاستشارات للجهات المحتاجة إليها والقيام بجهد مؤثر في فض النزاعات التي يكون فيها طرف مسلم، وإصدار الفتاوى في الشأن العام والنوازل وتفعيل رسالة المسجد وتأهيل القائمين عليه، وعقد اللقاءات والمؤتمرات العلمية والدعوية وتنظيم الندوات والمحاضرات العامة، وإقامة الدورات التدريبية لتطوير القدرات وتنمية المواهب، وتشكيل قاعدة بيانات عن الإسلام في إفريقيا بما يسهل القيام بالدراسات اللازمة، وإعداد البحوث والدراسات ونشرها، وإنتاج البرامج السمعية والمرئية باللغات الرسمية والشعبية في القارة، وإنشاء واستخدام وسائل الإعلام بكافة أنواعها.

وبشأن عدد أعضاء الاتحاد وشروط الانضمام إليه قال د.سيلا إن الاتحاد يضم حتى الآن 224 عالما من أطراف القارة الإفريقية وتحديدا جنوب الصحراء، وهم يمثّلون كثيراً من الهيئات والمؤسسات والجمعيات ودور التعليم العالي، وهذه خطوة تمهيدية للانتقال إلى عضوية المؤسسات، أما مواصفات المرشح لعضوية الاتحاد، فهي أن يكون عالمًا بالشرع عارفا بواقعه مقدرا للظروف والأحوال، وأن يكون ذا شخصية مؤثرة في محيطه ومعروفا بالسمعة الطيبة، أضق إلى ذلك ان الاتحاد راعى التوازن في التوزيع الجغرافي لأعضاء المكتب، ويمكن أن نلاحظ ذلك جلياً في الرئاسة، فرئيس الاتحاد من شرق إفريقيا، وهو الدكتور سعيد برهان عبد الله من جزر القمر، وله أربعة نواب لغرب إفريقيا وشرقها ووسطها وجنوبها، ورئيس مجلس الأمناء من غرب إفريقيا، وهو الدكتور محمد أحمد لوح من السنغال، ونائبه من شرق إفريقيا، وهو الشيخ عبد الكريم غاهوتو من رواندا، والأمين العام من غرب إفريقيا، مع مساعدين له من دول القارة، وهكذا في اللجان الدائمة.

وبيانا لمستقبل اتحاد العلماء وبرامجه قال د. سيلا: نتوقع مستقبلاً حافلاً بالمسؤوليات بحجم التحدّيات التي تواجه القارة الإفريقية، وهذا يتطلّب المزيد من الجهود المتضافرة من أعضاء الاتحاد بالدرجة الأولى، ثم المعنيين بالعمل الإسلامي كافة، في إفريقيا، من أفراد وهيئات ودول، أما البرامج التي ننشدها لتعزيز جهود الأعضاء في مجتمعاتهم فهي كثيرة ومتعددة، ومنها مواقع إلكترونية تسهل نشر علومهم وفتاواهم، وتهيئة المساجد وبناء المراكز وإنشاء المكتبات العلمية، وإنشاء دور نشر لإخراج نتاجهم العلمي والدعوي وتقريبه للعامة وطلاب العلم، وإصدار مجلة علمية محكمة، وإقامة الدورات التدريبية والبرامج التأهيلية لتطوير القدرات، تنظيم المحاضرات والندوات في قضايا الأمة وإقامة وقف خيري، واستقطاب 300 عالم إلى عضوية الاتحاد، و100 هيئة علمية، وتطوير المناهج الدراسية للمواد الإسلامية، والسعي إلى توحيد الرؤية الشرعية للأهلة في دول الاتحاد فيما يتعلق برمضان والعيدين.

وأشار إلى أن الاتحاد يستهدف بالدرجة الأولى جمهور العلماء والدعاة وطلبة العلم، وذلك بتعزيز دورهم في قيادة المجتمعات المحلية وتوجيهها، والتفاعل مع قضايا المجتمع كافة، فالملتقيات والدورات التطويرية كلّها تصبّ في هذا الاتجاه، ومن هنا يمكن القول بأن الاتحاد يستهدف من خلال برامجه شرائح المجتمع كافة، حكّاماً ومحكومين، مثقفين وأميين، فضلا عن أن الاتحاد يضطلع بدور بارز في حلّ النزاعات المحلية والإقليمية في القارة، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، والعمل جار الآن على مستوى الأمانة العامة لوضع خطة للقيام بهذه المهمة في النزاعات القائمة حالياً، مثل مشكلة الصومال بتعقيداتها المحلية والإقليمية، والمشكلة في منطقة الساحل والصحراء.

وحول علاقة اتحاد علماء إفريقيا علاقات بالكيانات الإسلامية خارج القارة والمنظمات الإقليمية والدولية، أكد د.سيلا أن تكوين اتحادٍ لعلماء إفريقيا لا يعني بحال العزلة عن الأمة الإسلامية في قضاياها المصيرية، ومن ثم فالاتحاد يحرص على إيجاد قنوات تواصل مع الكيانات الإسلامية خارج القارة، من اتحادات، وروابط إسلامية، عالمية أو إقليمية، بل إيجاد الشراكات معها في تنفيذ الخطط والبرامج، ومن برامجنا أننا نسعى لإيجاد علاقات بالمنظمات الإقليمية، والدولية، والهيئات الأخرى المحلية، وذلك من خلال خطة تبدأ بتعريف الاتحاد لدى تلك الجهات، واستخدام الوسائل المتنوعة لذلك من مراسلات واتصالات وزيارات، وتوقيع مذكّرات تفاهم ولقاءات عمل حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وأضاف كما نعمل جاهدين على تكريس الاتصالات بالهيئات والسلطات في القارة للتعريف بالاتحاد وأهدافه، من خلال الأعضاء في بلدانهم، تمهيداً لعلاقات رسمية مع الهيئات والحكومات، أما خارج القارة؛ فمن خلال التواصل مع الهيئات ووزارات الشؤون الإسلامية قابلت وفود الاتحاد مسئولين، وشملت تلك اللقاءات منظمة التعاون الإسلامي، ورابطة العالم الإسلامي، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورابطة علماء المسلمين، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في السعودية، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر، بالإضافة إلى منظمات خيرية ومؤسسات جامعية كثيرة، وهذه اللقاءات ستتواصل لتشمل دولاً أخرى وهيئات خارج القارة وفي شمال إفريقيا، والقاسم المشترك بين هذه اللقاءات هو الترحيب بقيام الاتحاد، والاستعداد للتعاون معه في خدمة قضايا قارة إفريقيا التي يشكّل المسلمون فيها جزءاً مهماً من الأمّة الإسلامية.

وحول تمويل أنشطة الاتحاد قال الأمين العام لعلماء اتحاد إفريقيا إن التمويل قضية محورية، ومصادره تتمثل في الاشتراكات السنوية للأعضاء، والتبرعات والوصايا والأوقاف ونحوها والاستثمارات، وريع المنشورات والبحوث والخدمات التي يقدّمها الاتحاد.

نسأل الله التوفيق لصالح القول والعمل، ولا يسعنا إلا أن نتقدم بالشكر الجزيل للدكتور سعيد محمد بابا سيلا ، لما تفضل به علينا من علمه الوفير راجين المولى تبارك وتعالى له دوام الصحة والعافية، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت